تحولات جذرية في نادي إشبيلية خلال سوق الانتقالات الصيفية

رؤية جديدة في إدارة النادي

شهد نادي إشبيلية تحركات مكثفة في سوق الانتقالات الصيفية، حيث استغل أنطونيو كوردون كل دقيقة متاحة حتى اللحظة الأخيرة لتحقيق أهدافه الرياضية والمالية. المدير الرياضي لم يخفي التحديات التي تواجهه في إعادة بناء فريق جديد في ظل قيود مالية صارمة، مما جعله ينتظر حتى الأيام الأخيرة لاتخاذ قرارات حاسمة، شملت بيع نجمه والتعاقد مع أربعة لاعبين جدد. رغم المخاطر التي تنطوي عليها هذه الخطوة، فإنها تعكس واقع النادي الحالي.

تقييمنا إيجابي للغاية، خاصة بفضل وجود طاقم فني أعتبره صفقة مهمة لأنه يمنحنا هوية واضحة

أنطونيو كوردون

افتتح كوردون حديثه بالتأكيد على أهمية اختيار المدرب، حيث شهد إشبيلية سبعة مدربين مختلفين خلال ثلاث سنوات. ماتياز ألميدا، الذي يتمتع برغبة قوية في النجاح وفلسفة واضحة لكرة القدم، ويعرف النادي جيدًا كلاعب سابق، يمثل حجر الزاوية في المشروع الجديد. على الرغم من أن هذه هي تجربته الأولى في التدريب بالدوري الإسباني، إلا أنه يُنظر إليه كعنصر أساسي لبناء الفريق.

البيع والتخفيضات: ضرورة مالية

شهد الصيف الحالي رحيل سبعة لاعبين من إشبيلية، بالإضافة إلى انتهاء عقود كل من لوكونغا، ساول وسوسو. كانت مبيعات بادé ولوكباكيو متوقعة، لكن سعر انتقال الجناح كان أقل من المتوقع حيث بلغ 20 مليون يورو مع إضافات محتملة بقيمة 4 ملايين، مما يعكس الحاجة الملحة للنادي إلى السيولة المالية. كما حقق النادي بيعًا ناجحًا للاعب إدومبو، مما رفع إجمالي العائدات إلى أكثر من 60 مليون يورو. أما بيدروسا ورافا مير، اللذان لم يكونا ضمن خطط الجهاز الفني، فقد تم إعارتهما مع إمكانية تحقيق أرباح مستقبلية.

كشف كوردون أن عمليات البيع وتخفيض الرواتب، التي شملت عدة لاعبين، ساهمت في استرداد حوالي 80 مليون يورو. كما نجح في إقناع يانوزاي وماركاو وسو بتخفيض رواتبهم، مما يعكس التزامهم وولاءهم للنادي. وبسبب عدم القدرة على بيع إهياناتشو، تم فسخ عقده لتوفير مساحة في الميزانية، حيث لم يترك اللاعب النيجيري أثرًا إيجابيًا في الفريق ويُعتبر من أسوأ الصفقات في تاريخ النادي.

تعزيزات ذكية بلا تكاليف انتقال

أبرم إشبيلية سبع صفقات جديدة، منها صفقة واحدة فقط تمت في عهد المدير الرياضي السابق، وهي ألفون غونزاليس. أما كوردون فقد تعاقد مع أربعة لاعبين أحرار وهم غابرييل سوازو، سيزار أزبيليكويتا، فابيو كاردوسو وأليكسيس سانشيز، بالإضافة إلى لاعبين معارين هما أوديسيوس فلاخوديموس وباتيستا ميندي.

في حراسة المرمى، رفع فلاخوديموس مستوى المنافسة أمام نايلاند، مما سيزيد من حدة المنافسة على مركز الحارس الأساسي. في الدفاع، أضاف أزبيليكويتا وكاردوسو عمقًا إلى خط الدفاع الذي عانى من الإصابات، ليصل عدد المدافعين إلى ستة بالإضافة إلى كاسترين. كما تعوض مرونة اللاعبين مثل كيكي سالاس ورامون مارتينيز، الذي تمت ترقيته من الفريق الرديف، النقص في مراكز الأظهرة.

في خط الوسط، يعتمد ألميدا على لاعبين أساسيين لكنه كان بحاجة إلى لاعب دفاعي أكثر تنظيمًا، وهو ما يوفره ميندي الذي شارك في 43 مباراة مع فريقه السابق، ويتميز بالقوة البدنية والقدرة على استعادة الكرة. أما في الهجوم، فقد أظهر ألفون في جيرونا رغبته في أن يكون لاعبًا مؤثرًا، لكن لا تزال هناك تساؤلات حول خط الهجوم. وجود نجم عالمي مثل أليكسيس، الذي طلبه ألميدا شخصيًا، من المتوقع أن يعزز من إمكانيات المهاجمين الشباب.

تجديد الروح داخل غرفة الملابس

أكد كوردون أنه لاحظ جوًا إيجابيًا داخل غرفة الملابس، وهو ما يسعى النادي لتعزيزه بعد فترة من السلبية التي أثرت على اللاعبين الشباب. ويعتبر ألميدا نفسه أول من يحاول بث الحماس والشغف في الفريق، بأسلوب كرة قدم يمكن للجماهير أن تتفاعل معه وتدعمه.

لقد شعرت بأجواء إيجابية للغاية، وهذا ما نراه في جميع أرجاء النادي

أنطونيو كوردون

من بين أبرز التعاقدات التي أبرمها كوردون، يأتي أزبيليكويتا وأليكسيس، وهما لاعبان مخضران يحملان تاريخًا عريقًا في عالم كرة القدم. قال كوردون: “في الفرق التي عملت بها، كان هناك دائمًا لاعبون يمنحون الفريق قوة هائلة داخل غرفة الملابس وخلال التدريبات، مما يساعد زملاءهم على التطور بشكل كبير. إشبيلية كان يفتقر إلى هذا النوع من اللاعبين”. الجدير بالذكر أن الفريق الموسم الماضي كان من بين الفرق ذات متوسط عمر منخفض في الدوري الإسباني، مما أدى إلى أخطاء كلفت الفريق نقاطًا ثمينة.

صبر وتحديات في بناء مشروع جديد

في المجمل، لعب كوردون بحكمة وصبر على رقعة شطرنج ضيقة الخيارات، حيث كان عليه التضحية بلاعبين مهمين لتحقيق التوازن المالي. هدفه كان إعادة إشبيلية إلى مسار الهوية والتميز، مع التركيز على بناء فريق تنافسي يتجاوز مجرد الأسماء الكبيرة. وختم كوردون تقييمه قائلاً: “لقد استمتعت كثيرًا بهذه التجربة”. والنتائج على أرض الملعب هي التي ستحدد مصير هذا المشروع الطموح.