نظرة جديدة على نادي أتلتيك بلباو: قصة نيكو ويليامز والوفاء للتراث الباسكي
لطالما كان كرة القدم هي الدراما الجماهيرية الأولى، أو كما يصفها البعض، المخدر العاطفي الذي يأسر الملايين منذ صعودها في القرن العشرين. ومع ذلك، شهدت اللعبة تحوّلاً بارزاً في العقود الأخيرة، تمثل في بروز سوق الانتقالات كعرض جانبي يحول مباراة تستمر 90 دقيقة إلى دورة أخبارية تمتد على مدار الساعة.
في الصيفين الماضيين، برز نادي أتلتيك بلباو كشخصية رئيسية في هذه الدراما الصيفية، رغم سياسته الفريدة التي تقتصر على لاعبين من الباسك فقط. في كل مرة، كان نيكو ويليامز هو البطل الذي رفض عروض برشلونة، مما قلب مجرى الأحداث وأكد تمسك النادي بأحد أبرز المواهب الإسبانية، وهو لاعب يتمتع بشهرة دولية لم يشهدها النادي منذ سنوات طويلة.
نيكو ويليامز: رمز جديد للوفاء والتحدي في سان ماميس
في افتتاحية الدوري الإسباني، أثبت نيكو جدارته بقميص رقم 10، مسجلاً هدفاً وصانعاً هدفين، ليؤكد أن قراره بالبقاء في بلباو لم يكن مجرد صدفة. رغم الانتقادات التي رافقت فترة الانتقالات الصيفية، فإن بقاءه يعكس تحولاً حقيقياً في عقلية النادي الباسكي.
نيكو ويليامز عن التحية الحارة التي تلقاها من الجماهير:
«هذه الجماهير مذهلة، بالنسبة لي هم كالعائلة. هناك سبب لبقائي هنا، وأنا فخور بشعبنا.»
«أنا سعيد جداً وأرغب في الاستمرار بصنع التاريخ هنا»pic.twitter.com/oCIazjrYV2
تطور سياسة الاحتفاظ بالنجوم: من الماضي إلى الحاضر
يُذكر أن أندير هيريرا، أحد أبناء النادي السابقين، تحدث عن الفارق بين الماضي والحاضر قائلاً: «في السابق، مثل خافي مارتينيز وفيرناندو يورينتي وآيمريك لابورت وأنا، جميعنا غادرنا النادي لأنهم لم يستطيعوا الاحتفاظ بنا. أتذكر أنني في سنتي الثالثة لم أتلق عرض تجديد، فغادرت في نهاية الموسم. الآن الأمور تسير بشكل مختلف وسريع.»
ويشير هيريرا إلى أن النادي أصبح أكثر حنكة في توقيع العقود مع لاعبيه الأساسيين مثل أويان سانسيت وداني فيفيان، اللذين وقعا عقوداً طويلة تمتد حتى عام 2032، مما يعكس رغبة النادي في بناء فريق مستقر قادر على المنافسة.
نيكو ويليامز والطموح في قيادة أتلتيك إلى القمة
يؤكد هيريرا أن نيكو يرى نفسه لاعباً محورياً في النادي خلال العقد المقبل، ويشعر بأنه قادر على رفع مستوى الفريق والمنافسة على البطولات الأوروبية. «نيكو جائع للنجاح، ويملك الرغبة في تحقيق الإنجازات، وهو يعتقد أنه يستطيع دفع أتلتيك إلى آفاق جديدة رغم صعوبة المهمة.»

الارتباط العميق بين النادي والجماهير: قصة حب لا تنتهي
لا يمكن فهم قرار نيكو بالبقاء دون إدراك العلاقة الفريدة التي تربط أتلتيك بلباو بمنطقة الباسك. ففي احتفالات النادي بمرور 125 عاماً على تأسيسه عام 2023، وزع النادي مريولات على جميع الأطفال المولودين في المنطقة. وعلى الرغم من أن سكان بلباو لا يتجاوزون 350 ألف نسمة، إلا أن أكثر من مليون شخص احتشدوا في شوارع المدينة للاحتفال بفوز النادي بكأس ملك إسبانيا في العام الماضي.
في تلك الاحتفالات، كان الأخوان ويليامز في مقدمة المشجعين، يشاركان الجماهير فرحتها ويتجولان معهم في الشوارع. ما يقدمه أتلتيك للاعبيه في عالم كرة القدم المتغير هو قصة حب ورومانسية نادرة في زمن يهيمن عليه المال والصفقات.
هيريرا: أتلتيك بلباو بين التقاليد والتجديد

يقول هيريرا عن تجربته مع النادي: «لقد قضيت فترتين مع أتلتيك، من 2011 إلى 2014 ثم من 2021 إلى 2024. ما يعجبني في النادي هو فلسفته، وكيف يطور اللاعبين الشباب، والاحترام الكبير الذي يكنه للاعبين القدامى وللمؤسسة، مع وضع مصلحة النادي فوق كل شيء.»
ويضيف: «كرة القدم تتغير باستمرار، لكن أتلتيك لا يزال يحتفظ بجوهره الرومانسي، حيث يولي أهمية كبيرة لجماهيره، ويحترم كل من يزور مركز التدريب في ليزاما. الجميع يتوقف لالتقاط الصور وتوقيع الأوتوغرافات للأطفال.»
أتلتيك بلباو: أكثر من مجرد نادي
يشير هيريرا إلى أن النادي يتجاوز كونه مجرد فريق كرة قدم، فهو يمثل هوية وثقافة الباسك. «هناك من لا يهتم بكرة القدم، لكن إذا سألتهم عن أتلتيك، ستجدهم مشجعين له. في كل بيت تقريباً في الباسك، هناك من يدعم أتلتيك. إنه أكثر من نادي، إنه رمز للمنطقة وثقافتها.»