مانويل بيليغريني: فن إعادة إحياء المواهب الكروية المغمورة
رغم أن مانويل بيليغريني أصبح معروفًا في السنوات الأخيرة بزيه الرياضي الكلاسيكي من ماركة كابا، إلا أن تخيل المدرب التشيلي في شبابه يذكرنا بأناقة عتيقة تشمل القمصان ذات الياقات العالية والبناطيل ذات الطيات وتسريحات شعر بوهيمية تشبه أسلوب لاعبين مثل ريكي فيلا وماريو كيمبس. كان يعيش في حي راقٍ يعج بالكلاب الصغيرة التي لا تبدو وكأنها من نسل الذئاب، وبحانات واسعة تفوق عدد زبائنها.
مسيرة بيليغريني الفنية في عالم كرة القدم
برز بيليغريني في أوائل الألفية الجديدة، حيث قدم أعمالًا فنية كروية خالدة مثل دييغو فورلان وخوان رومان ريكيلمي وماركوس سينا، الذين يحتلون مكانة مرموقة في متحف رينا صوفيا في مدريد إلى جانب لوحات بيكاسو ودالي. أما معارضه الأخيرة، فهي تُعرض في أماكن أقل فخامة، لكن عشاقه يأتون خصيصًا لرؤيته، حيث يواصل هذا الفنان القديم إنتاج أعمال لا تبتعد عن الحداثة لكنها تظل منافسة لأي محترف في المجال.

بيليغريني وبراعة إعادة تأهيل اللاعبين الموهوبين
أحدث أعمال بيليغريني لا تفشل أبدًا في جذب الأنظار، سواء كان المشاهد يرافقها بنبيذ أو بمشروب غازي. اشتهر بيليغريني بقدرته على إعادة تأهيل اللاعبين الذين لم يحظوا بالتقدير الكافي، وأبرز مثال على ذلك إيسكو ألاركون. كما يذكر المتابعون أن سيرجيو كاناليس وجيوفاني لو سيلسو وأيوزي بيريز كانوا جزءًا من هذه المجموعة قبل أن يسطع نجم أنطوني مجددًا. لكن هناك شيء لا يقاوم في صورة بابلو فورنالز الحالية.
بابلو فورنالز: اللاعب الذي وجد فرصته تحت قيادة بيليغريني
لطالما كان فورنالز موهوبًا، رغم قصر قامته، إلا أنه يتمتع بجسم قوي ومتين. عانى من التذبذب في مستواه طوال مسيرته، ولم يُمنح نفس التقدير الذي حظي به كاناليس أو إيسكو. غالبًا ما وُضع في الأجنحة، مما جعله يعمل على هامش الملعب. في أفضل حالاته، كان يلعب خلف المهاجم. رغم تقدير العديد من المدربين لمهاراته، إلا أن القليل منهم اعتمد عليه بشكل أساسي.
لكن في النصف الثاني من الموسم الماضي، قرر بيليغريني، بعد نتائج إيجابية ضد فرق ضعيفة في الدوري الأوروبي، منحه الثقة في الدوري الإسباني، الذي يصفه التشيلي دائمًا بأنه “الأساس”. هذا الموسم، لا يُستخدم فورنالز فقط كلاعب مركزي، بل أصبح محور الفريق. كما وصفه خوان رامون لارا، فهو يدافع كوسط مدافع ويهاجم كوسط مهاجم، وهو مزيج نادر يشبه البحث عن جوهرة نادرة في عالم كرة القدم.
يقول سيرجي ألتيميرا، أحد زملاء فورنالز في خط الوسط: “بيليغريني مدرب من الطراز القديم، يدير الفريق بحكمة، يمنح اللاعبين حرية كبيرة، ويحاول إشراك الجميع من خلال التدوير والتعديلات التكتيكية، خاصة في الدفاع، مع حرية كبيرة في الهجوم”.

تألق فورنالز في قلب خط وسط بيتيس
تتجلى كلمات ألتيميرا بشكل خاص في إشبيلية، حيث شهدنا عودة قوية لإيسكو، لو سيلسو، كاناليس، فكر وأنطوني. يمتلك فورنالز الرؤية واللمسة الرقيقة التي تجعله نموذجًا للاعب صانع ألعاب من الطراز القديم. بيليغريني هو من يجد له المساحات التي تسمح له بالتألق، بل ويجعله فعالًا حتى بدون الكرة. مع غياب إيسكو ولو سيلسو للإصابة، ووجود جوني كاردوسو في أتلتيكو مدريد، ولاعب جديد مثل نيلسون ديوسّا لا يزال يتأقلم، أصبح فورنالز المحرك الأساسي لفريقه.
تشير الإحصائيات إلى أن فورنالز يحتل المرتبة ضمن أفضل 6% من لاعبي خط الوسط في الدوري الإسباني من حيث التمريرات التقدمية، ويأتي في المركز السادس بين الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا، وثامنًا في خلق فرص التسديد. هذه الأرقام تفسر بوضوح استدعاءه للمنتخب الإسباني بعد غياب دام أكثر من أربع سنوات.
رقصة بابلو فورنالز في ملعب سانشيز بيزخوان 🤩#LALIGAHighlights pic.twitter.com/orMRaAPDEj
– ريال بيتيس بالومبي 🌴💚 (تويتر)
ديربي إشبيلية: لحظة تتويج فورنالز كملك جديد لبيتيس
شهد ديربي إشبيلية الأخير تجسيدًا حقيقيًا لروح القتال والمثابرة التي أصبح يتمتع بها فورنالز. المسؤولية التي كان يمتلك الموهبة لتحملها، أصبح الآن يمتلك الحدة اللازمة لها. وصفه سيد لو بأنه “الملك الجديد لبيتيس” بعد هدفه الحاسم في الشوط الثاني، مع التركيز على مراوغته الرشيقة التي تخطى بها لاعبين مثل سيزار أزبيليكويتا وخوسيه أنخيل كارمونا.
قبل الهدف، كان التحول واضحًا في أكبر مسرح في إشبيلية، حيث طارد فورنالز باتيست ميندي، الذي يفوقه وزنًا بحوالي 15 كيلوجرامًا، وأوقعه عن توازنه قبل أن يستولي على الكرة من أمامه.
قال فورنالز معبرًا عن فرحته: “لا أعرف إذا كان أطفالي قد شاهدوا ذلك، لكن غدًا سأروي لهم القصة. شاهدت الإعادة عدة مرات لأنني تذكرت كيف سرقت الكرة من لاعب الوسط، لكن لم أتذكر كل المراوغات والحركات. على أي حال، كانت لحظة جميلة جدًا”.

