تغيير جذري في ريال مدريد: عهد جديد مع تشابي ألونسو
شهد صيف إسبانيا هذا العام نقاشًا واسعًا حول تعيين ريال مدريد لمدرب جديد يشبه بيب غوارديولا في أسلوبه، أو كما يراه بعض مشجعي النادي المتشددين، تكتيكيًا بحتًا. كان كارلو أنشيلوتي، الحاصل على لقب دوري أبطال أوروبا خمس مرات، يُصنف غالبًا كمدير فني يركز على إدارة اللاعبين أكثر من الخطط التكتيكية، وهو نفس التصنيف الذي وُضع لزين الدين زيدان، الفائز بثلاثة ألقاب أوروبية مع الفريق. جاء تعيين تشابي ألونسو جزئيًا كرد فعل على تراجع تأثير أنشيلوتي على تشكيلة ريال مدريد التي بدأت تظهر عليها علامات الإرهاق والشيخوخة، وأيضًا لمواكبة الاتجاه السائد بين كبار الأندية الأوروبية.
منهجية جديدة: فلسفة تشابي ألونسو في الإدارة الفنية
على عكس أنشيلوتي الذي يبدأ غالبًا بتشكيلة محددة ثم يتعامل مع التحديات بشكل تدريجي، يعتمد ألونسو على مبادئ وأفكار واضحة كأساس لأسلوب لعبه. يمكن تشبيه أسلوبه بفنان يرسم لوحة متقنة قبل أن يضيف لمسات الألوان، حيث يفرض ضغطًا مستمرًا بعد فقدان الكرة ويحرص على تماسك الفريق في الدفاع. هذا النهج يضعه في صف مدربي الباسك الذين يهيمنون حاليًا على إدارة الأندية الكبرى، مثل بيب غوارديولا ويورغن كلوب.
دروس من الكلاسيكو: ريال مدريد يفرض هيمنته على برشلونة
في مواجهة الكلاسيكو الأخيرة، ظهر ريال مدريد جائعًا لتحقيق الفوز أمام برشلونة الذي بدا متراجعًا ومتأثرًا بإخفاقات الموسم الماضي. استغل الفريق الملكي أخطاء برشلونة، خاصة في الدقائق الأولى التي شهدت بعض الهفوات الدفاعية من ديان هويجسن، والتي لم يُعاقب عليها الخصم بشكل كافٍ. تحرك إدواردو كامافينغا إلى الجهة اليمنى سمح لجود بيلينغهام بالانطلاق خلف كيليان مبابي، حيث صنع الفارق الحقيقي. من تمريرة بيلينغهام الأنيقة، انطلق مبابي ليسجل هدف الفوز بطريقة تذكر بأدائه في مونتجويك قبل عامين، مما أكد سيطرة ريال مدريد على المباراة.

رد فعل قوي: بيلينغهام وألونسو يثبتان جدارتهما
بعد انتقادات شديدة عقب ديربي مدريد، كان بيلينغهام وألونسو من أبرز من ردوا بقوة على المشككين. لم تكن الأهداف وحدها هي الدليل، بل سيطرة الفريق على مجريات اللعب بين الدقيقة 17، حين انتقل كامافينغا إلى الجناح، وحتى الدقيقة 60، حيث تصدى شزني لمحاولة مبابي. خلال هذه الفترة، خنق ريال مدريد تحركات برشلونة بشكل شبه كامل، مما يعكس براعة ألونسو التكتيكية.
تحديات داخل غرفة الملابس: توتر بين ألونسو وفينيسيوس جونيور
على الرغم من النجاح التكتيكي، لم تخلو فترة ألونسو من التوترات، خاصة مع فينيسيوس جونيور الذي أبدى انزعاجه بعد استبداله في إحدى المباريات. لم يعلن ألونسو عن اعتذار مباشر من فينيسيوس له، مما أثار تساؤلات حول العلاقة بينهما. في المقابل، لم يشهد ملعب سانتياغو برنابيو خلال فترة أنشيلوتي أي انفجارات عاطفية مماثلة، كما أن فالفيردي، الذي لعب أكثر تحت قيادة أنشيلوتي، لم يسبق له أن عبر عن استياء علني.

رد تشابي ألونسو على الانتقادات: الصدق والذكاء العاطفي أساس النجاح
وصف بعض كبار لاعبي ريال مدريد ألونسو بأنه «بارد ومنعزل» داخل غرفة الملابس، وهو وصف ظهر في تقارير إعلامية بعد ديربي مدريد. لكن ألونسو أكد في تصريحاته أنه يفضل أن يكون صادقًا مع نفسه، وأن يحافظ على علاقات مبنية على الاحترام والذكاء العاطفي، مع إدراك أن كل لاعب يختلف عن الآخر. هذه المقاربة تعكس فهمه العميق لأهمية التوازن بين الجانب النفسي والتكتيكي في قيادة فريق بحجم ريال مدريد.
تشابي ألونسو عن اعتذار فينيسيوس خلال الأسبوع.
رده الكامل على دراما فينيسيوس أدناه👇 pic.twitter.com/BBWjkaSXui
مقارنة مع أسلافه: تحديات ألونسو في ظل إرث أنشيلوتي وزيدان
يمثل وصول ألونسو تحولًا واضحًا عن أسلوب أنشيلوتي وزيدان، إذ لم ينجح سوى جوليان لوبيتيغي ورافاييل بينيتيز في تقديم نموذج مشابه من المدربين التكتيكيين المنضبطين، لكنهما لم يستمرا حتى نهاية الموسم. رغم الانتقادات التي طالت سيرجيو راموس مؤخرًا، إلا أن كلماته حول احترام المدرب الذي «يُكتسب ولا يُفرض» ما زالت تتردد في أروقة النادي، خاصة قبل تعيين ألونسو.
يختلف ألونسو عن أسلافه أيضًا بدعم قوي من رئيس النادي فلورنتينو بيريز، إضافة إلى شخصيته الكاريزمية التي قد تساعده على تقليل الفجوة مع نجوم الفريق الذين كانوا مرتبطين عاطفيًا بسلفه. ويُعد الفوز على برشلونة في الكلاسيكو بمثابة إثبات عملي لقدرة أفكاره على النجاح في أكبر المناسبات.
نظرة مستقبلية: هل يستطيع ألونسو فرض هيمنته على ريال مدريد؟
سيكون على ألونسو أن يثبت أنه تعلم من خبراته مع أنشيلوتي وغوارديولا على حد سواء، خاصة عندما تواجهه الهزائم. السيطرة على برشلونة ليست مجرد انتصار في مباراة، بل هي خطوة أساسية لكسب احترام اللاعبين والجماهير على حد سواء. ومع استمرار المنافسة في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، يبقى السؤال: هل سيستطيع تشابي ألونسو أن يرسخ أسلوبه ويقود ريال مدريد إلى عهد جديد من النجاحات؟

