الهيمنة الإسبانية في عالم التدريب الكروي

شهدت الفترة بين 2008 و2012، والتي تضمنت ثلاث بطولات كبرى: يورو 2008، كأس العالم 2010، ويورو 2012، صعوداً غير مسبوق لـالعلامة التجارية إسبانيا في كرة القدم، حيث أصبح أسلوب تيكي تاكا رمزاً للسيطرة الفنية على المستطيل الأخضر.

في الماضي، كان المدربون الأجانب يأتون إلى إسبانيا لاكتساب الخبرات، بينما كان المدربون الإسبان يسافرون إلى الخارج للتعلم، لكن الوضع تغير جذرياً اليوم، حيث أصبحت إسبانيا وجهة رئيسية للمدربين العالميين، كما يؤكد فيثينتي دل بوسكي.

في السابق، كان المدربون المتميزون يزورون إسبانيا، ونحن كنا نذهب إلى الخارج لنتعلم، أما الآن فالأمر معكوس.

فيثينتي دل بوسكي

يعتبر المدرب الإسباني اليوم نموذجاً يُحتذى به عالمياً، حيث تتلقى الاتحادات الكروية في مختلف القارات طلبات مستمرة لدراسة منهجيات التدريب الإسبانية، ويوجد مدربون إسبان في معظم الدوريات الكبرى، حسب ما يؤكده ديفيد غوتيريز، الرئيس السابق للجنة المدربين الوطنية.

تأثير المدربين الإسبان في الدوريات الكبرى

في الدوري الإنجليزي الممتاز، يُعرف تأثير بيب غوارديولا الذي قاد فريقه للفوز بست من آخر ثماني بطولات، مما فتح الباب أمام مدربين إسبان آخرين مثل ميكيل أرتيتا، أوناي إيمري، وأندوني إيرولا، الذين أثبتوا جدارتهم في واحدة من أقوى البطولات الأوروبية.

المدرب الإسباني يحظى بتقدير كبير، ونجاحاتنا المتتالية تعزز مكانتنا.

أوناي إيمري

يُعرف المدرب الإسباني بدقته في التخطيط والاهتمام بالتفاصيل، وهو ما يفسر الانتشار الواسع للمدربين الإسبان في إنجلترا، كما يوضح ميغيل أنخيل ليرا.

الريادة في الليغا، البريميرليغ، والسيري آ

يحقق المدربون الإسبان نجاحات بارزة في أكبر الدوريات الأوروبية، حيث يقود تشابي ألونسو فريق ريال مدريد في الليغا، وميكيل أرتيتا فريق أرسنال في البريميرليغ، بينما يتصدر لويس إنريكي قائمة باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي.

تشابي ألونسو يكسر الحواجز في مدريد

يواصل ريال مدريد بقيادة تشابي ألونسو تألقه، حيث أنهى سلسلة من أربع هزائم متتالية في الكلاسيكو بفوزه على برشلونة 2-1، مما جعله يتصدر الترتيب بفارق خمس نقاط عن غريمه التقليدي.

يبحث ألونسو، الذي قاد باير ليفركوزن للفوز بأول لقب في تاريخ النادي في الدوري الألماني عام 2024، عن كسر “تابو” غياب المدرب الإسباني عن الفوز بلقب الليغا في مدريد منذ موسم 2002-2003 مع دل بوسكي.

في هذه المرحلة من الموسم، لا يُمنح أي لقب.

تشابي ألونسو

لويس إنريكي يحقق حلم باريس

منذ استحواذ قطر للاستثمارات الرياضية على باريس سان جيرمان عام 2011، كان حلم الفوز بدوري أبطال أوروبا هدفاً بعيد المنال، لكن لويس إنريكي حقق هذا الإنجاز الموسم الماضي بفوز ساحق 5-0 على إنتر ميلان في النهائي.

منذ وصوله إلى حديقة الأمراء في 2023، حصد إنريكي لقبين في الدوري الفرنسي، وكأسين، وسوبر كأسي فرنسا، بالإضافة إلى كأس السوبر الأوروبي التي رفعها الصيف الماضي. ويبدأ الآن مشوار الدفاع عن لقبه الثالث على التوالي، متصدراً الدوري بفارق نقطة عن لانس.

إنها ماراثون؛ يمكنك أن تبدأ بسرعة، لكن الأهم هو الوصول إلى النهاية.

لويس إنريكي

ميكيل أرتيتا وريادة أرسنال

يُعد ميكيل أرتيتا وريثاً شرعياً لأسطورة أرسنال أرسين فينغر، حيث فاز مع الفريق بكأس الاتحاد الإنجليزي مرتين والسوبر الإنجليزي مرتين، ويطمح الآن إلى إنهاء غياب النادي عن لقب الدوري الممتاز الذي يمتد لأكثر من عقدين.

يتصدر أرسنال الدوري بفارق أربع نقاط عن بورنموث بقيادة أندوني إيرولا، الذي يحقق بداية تاريخية مع فريقه في الدوري الإنجليزي الممتاز.

لا يعني هذا التقدم الكثير في هذه المرحلة المبكرة، لكننا نواصل العمل بجد.

ميكيل أرتيتا

إيرولا وفابريغاس: نجوم صاعدة

يُعتبر أندوني إيرولا من أبرز المدربين الإسبان الصاعدين، حيث يقود بورنموث إلى أفضل بداية في تاريخ النادي، محققاً 18 نقطة من 27 ممكنة، رغم خسارة لاعبين مؤثرين في الصيف.

بداية جيدة لكنها مجرد البداية، المنافسة متقاربة وسنحتاج لبذل المزيد من الجهد.

أندوني إيرولا

أما سيسك فابريغاس، فيواصل إثبات نفسه كمدرب واعد في الدوري الإيطالي مع فريق كومو، الذي يحتل المركز السادس ويقترب من مناطق التأهل الأوروبية.

بعد أن أنهى الموسم الماضي في المركز العاشر، يطمح فابريغاس إلى تعزيز مكانة فريقه والتقدم أكثر في الموسم المقبل، وسط اهتمام أندية كبرى مثل إنتر وروما وباير ليفركوزن.

نحتاج إلى ترسيخ مكانة كومو أولاً، ثم نطمح للقفزة الكبرى في الموسم القادم.

سيسك فابريغاس

نجاحات المدربين الإسبان على مستوى المنتخبات

لا تقتصر إنجازات المدربين الإسبان على الأندية فقط، بل تمتد إلى المنتخبات الوطنية، حيث يقود لويس دي لا فوينتي منتخب إسبانيا لتحقيق إنجازات بارزة مثل الفوز بالبطولة الأوروبية الرابعة في تاريخ الفريق وكأس دوري الأمم الأوروبية 2023.

كما وصل إلى نهائي دوري الأمم 2025، محققاً رقماً قياسياً بمباريات دون هزيمة بلغ 29 مباراة، معبراً عن فخره بالفريق ومؤكداً أن الهدف المقبل هو التأهل لكأس العالم.

أفضل لاعب في هذا الفريق اسمه إسبانيا.

لويس دي لا فوينتي

في المقابل، حقق المدرب الإسباني الآخر روبرتو مارتينيز لقب دوري الأمم الأوروبية مع منتخب البرتغال، رغم الظروف الصعبة التي مر بها، وحظي بدعم أسطورة كرة القدم كريستيانو رونالدو.

حتى لو لم أكن هنا، هو المدرب المثالي لقيادة المنتخب.

روبرتو مارتينيز

من المتوقع أن يشارك كل من مارتينيز ودي لا فوينتي في كأس العالم المقبل، إلى جانب خولين لوبيتيغي الذي قاد إسبانيا للتأهل في وقت قياسي بعد توليه المسؤولية في اللحظات الأخيرة قبل مونديال روسيا 2018.

يبدو أن الحياة كانت مدينة لي بكأس عالم، وهذه مكافأة أقدرها.

خولين لوبيتيغي

المدربون الإسبان يتألقون في الدوريات العالمية

لا يقتصر تأثير المدربين الإسبان على الدوريات الكبرى فقط، بل يمتد إلى العديد من الدوريات حول العالم، حيث يتصدر خوليو فيلاسكيز ترتيب الدوري البلغاري مع فريق ليفسكي، ويقود خوان كارلوس كارثيدو فريق بافوس في قبرص، بينما يتصدر ألبرت ريرا الدوري السلوفيني مع فريق سيلجي.

كما يحقق المدرب الإسباني-الأوروغوياني غونزالو غارسيا نجاحات مع هاجدوك سبليت في كرواتيا، ويقود إبراهيم باز فريق سانت جوزيف في جبل طارق، فيما يتصدر تينتين ماركيز الدوري القطري مع نادي قطر، ويقود بابلو فرانكو فريق ماس فاس في المغرب.

على صعيد البطولات الأوروبية، ساهم كارثيدو في تأهل بافوس إلى دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخ النادي، بينما حقق خوانخو بيزاريس إنجازاً تاريخياً مع فريق لينكولن ريد إمبس بفوزه بأول مباراة لفريق جبل طارق في أوروبا.

ويواصل فريق AEK لارنكا بقيادة إيمانويل وإنيغو إيدياكيز إبهار الجماهير بفوزه على كريستال بالاس في الجولة الأخيرة من دوري المؤتمر الأوروبي، مما يعكس قوة التكتيك الإسباني في مختلف أنحاء العالم.

إسبانيا تفخر بمنهجها التدريبي المتفرد.