تحديات اللعب المالي النظيف وتأثيرها على أندية الدوري الإسباني
مقدمة حول سياسة اللعب المالي النظيف في الليغا
لطالما كان رئيس رابطة الدوري الإسباني، خافيير تيباس، هدفاً لانتقادات جماهير برشلونة بسبب تطبيقه الصارم لقواعد اللعب المالي النظيف التي تهدف إلى ضبط الإنفاق المالي للأندية ومنعها من التورط في ديون مفرطة. وعلى الرغم من وعود رئيس برشلونة، جوان لابورتا، بتحسين ميزانية الرواتب سنوياً، لا تزال المشاكل المالية قائمة حتى اليوم، ليس فقط في برشلونة بل امتدت لتشمل أندية أخرى مثل خيتافي.
تاريخ الأزمات المالية في أندية الليغا
تُعرف حقبة جوزيب ماريا بارتوميو في برشلونة بأنها الفترة التي شهدت تضخماً كبيراً في رواتب اللاعبين، مما أدى إلى أزمة مالية حادة أجبرت بارتوميو على الاستقالة عام 2020. تولى لابورتا المسؤولية في محاولة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية، لكن التحديات ما زالت قائمة بعد خمس سنوات.
لم تكن برشلونة الوحيدة التي واجهت صعوبات في تسجيل اللاعبين بسبب قيود اللعب المالي النظيف، فقد عانت أندية أندلسية مثل إشبيلية وريال بيتيس، وكذلك إسبانيول في الموسم الماضي، من مشاكل مماثلة نتيجة لرواتب مرتفعة دفعت بها لأسماء مخضرمة، مما أدى إلى زيادة كبيرة في ميزانية الأجور.
حالة خيتافي: نموذج فريد في مواجهة القيود المالية
يُعد نادي خيتافي من الأندية التي لا ترتبط بالنجاحات الأوروبية الكبيرة، رغم مشاركته مرتين في الدوري الأوروبي (2010-2011 و2019-2020). تحت قيادة المدرب خوسيه بوردالاس، اشتهر الفريق بأسلوب لعب دفاعي صارم يُعرف بـ«كرة بوردالاس»، حيث يعتمد على التكتل الدفاعي واللعب القوي، مما جعل لاعبيه مثل ماورو أرامبارري وجيني داكونام يُتهمون أحياناً بأسلوب عنيف من قبل الجماهير المنافسة.
على عكس الاعتقاد السائد بأن قواعد اللعب المالي النظيف تستهدف الأندية الكبرى فقط، فقد أثبتت هذه القواعد أنها تؤثر أيضاً على أندية صغيرة مثل خيتافي، التي تعاني من محدودية الإيرادات بسبب صغر حجم ملعبها الذي يتسع لـ16,800 متفرج، بالإضافة إلى ضعف عقود الرعاية مقارنة بالأندية الكبرى.
الضغوط المالية وأزمة تسجيل اللاعبين في خيتافي
رغم أن خيتافي لم يقم بتعاقدات مبالغ فيها أو رواتب خيالية، إلا أن رئيس النادي أنخيل توريس أبدى استياءه الشديد من عدم قدرة النادي على تسجيل لاعبيه، معتبراً أن الدوري الإسباني أصبح مادة للسخرية على المستوى الأوروبي بسبب هذه القيود.
أدى هذا الوضع إلى أزمة داخلية مع اللاعب كريستانتوس أوتشي، أحد أبرز مهاجمي الفريق، الذي رفض الرحيل عن النادي رغم الضغوط. إلا أن الظروف أجبرت خيتافي على بيعه، حيث انتقل أولاً إلى فرنسا رغماً عنه، ثم إلى نادي كريستال بالاس الإنجليزي، الذي قدم عرضاً مالياً أفضل للنادي.
🇳🇬 الصعود المذهل لكريستانتوس أوتشي:
2022 – انضم إلى نادي مورالو الإسباني في الدرجة السادسة
2023 – وقع مع نادي سيوتا في الدرجة الثالثة مقابل 800 يورو
2024 – انتقل إلى خيتافي في الدرجة الأولى مقابل 500 ألف يورو
2025 – يستعد للانضمام إلى كريستال بالاس pic.twitter.com/4YprUf05DN
الجدل حول فعالية اللعب المالي النظيف
على الرغم من أن قواعد اللعب المالي النظيف ساهمت في منع انهيار أندية كبرى مثل فالنسيا وديبورتيفو لاكورونيا، إلا أنها تفرض تحديات كبيرة على أندية متوسطة وصغيرة الحجم، مما يثير تساؤلات حول مدى عدالة تطبيق هذه القواعد على مستوى القارة الأوروبية.
تُظهر المقارنات بين الدوريات الأوروبية الكبرى أن الدوري الإنجليزي لا يطبق نفس القيود الصارمة، مما يخلق فجوة مالية واضحة بين الأندية الإسبانية ونظيراتها الإنجليزية، وهو ما يفسر هجرة العديد من اللاعبين الشباب من إسبانيا إلى إنجلترا بحثاً عن فرص أفضل وأجور أعلى.
تأثير الفوارق المالية بين الدوريات الأوروبية
تحدث فينسنت كومباني، مدرب بايرن ميونيخ، عن الفجوة المالية بين الدوريات الأوروبية قائلاً إن أندية مثل سندرلاند وبيرنلي تنافس أندية كبرى مثل ميلان وليفركوزن في سوق الانتقالات بسبب القوة المالية التي تمتلكها، وهو ما يوضح أن الفارق المالي بين الدوريات يؤثر بشكل مباشر على حركة اللاعبين وانتقالاتهم.
أتحدث مع بيرنلي لأنه كان فريقي، ونحن نتنافس في السوق مع فرانكفورت على اللاعبين، ومع فولفسبورغ. وهذه هي الحقيقة. سندرلاند الآن تشتري لاعبين من ليفركوزن وتتحدى أندية مثل إيه سي ميلان. وهذه هي الحقيقة المالية.
خاتمة: هل تحقق قواعد اللعب المالي النظيف أهدافها؟
تكمن المشكلة في أن قواعد اللعب المالي النظيف، رغم نواياها الحسنة، تفرض قيوداً صارمة تؤثر على أندية ليست من كبار الدوري، مما يخلق حالة من عدم التوازن داخل الليغا. ورغم أن تيباس تم انتخابه ديمقراطياً من قبل رؤساء الأندية، إلا أن استمرار دعم هذه السياسات يضع الأندية في موقف صعب، خاصة مع محاولات توسيع نفوذ الليغا في الأسواق العالمية مثل الولايات المتحدة.
يبقى السؤال: هل تستحق الاستقرار المالي الذي توفره هذه القواعد التضحية بمصالح أندية مثل خيتافي؟ وهل يمكن إيجاد حلول وسط تضمن استدامة الأندية الصغيرة دون الإضرار بتنافسية الدوري؟ هذه الأسئلة لا تزال بحاجة إلى إجابات واضحة في المستقبل القريب.
