نهاية حقبة مونتسي تومي وبداية تحديات جديدة للمنتخب الإسباني النسائي
قبل نحو عام، أثارت المدربة السابقة للمنتخب الإسباني للسيدات، مونتسي تومي، جدلاً واسعاً بعد قرارها بمنع جيني هيرموسو من العودة إلى صفوف المنتخب الوطني، مما جعلها تمثل استمراراً لمسار المدرب السابق خورخي فيلدا بعد إقالته. وبعد فترة مليئة بالتقلبات، قررت الاتحاد الإسباني لكرة القدم عدم تجديد عقدها، ليتم تعيين سونيا برموديث خلفاً لها، وهو خيار يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل الفريق.
تحديات الاحتراف في كرة القدم النسائية الإسبانية
رغم أن الخريجين من الجامعات يتعلمون كيفية تطبيق مهاراتهم في سوق العمل، إلا أن كرة القدم الإسبانية، وخاصة النسائية منها، تخضع لقواعد مختلفة تماماً. العبارة الشهيرة no es fútbol, es la Liga تعكس حقيقة أن الاحترافية في كرة القدم الإسبانية لا تتبع القواعد التقليدية، خاصة تحت ضوء الشمس الكاستيلي، حيث تتداخل السياسة والقرارات الشخصية مع الأداء الرياضي.
مونتسي تومي: استمرار في ظل أزمات متراكمة
ستظل مونتسي تومي مرتبطة بكونها امتداداً لخورخي فيلدا، الذي أُقيل بعد فضيحة اعتداء لويس روبياليس على جيني هيرموسو في نهائي كأس العالم 2023، والتي أدت إلى استقالة روبياليس وسقوط فيلدا. لم يكن فيلدا معروفاً فقط بنقص خبرته الفنية، بل أيضاً بتصرفاته التي اعتُبرت تحرشاً نفسياً باللاعبات، بالإضافة إلى تجاهله لفترات تعافيهن من الإصابات، مما أثار استياء واسعاً داخل الفريق.
في خريف 2023، اختار الاتحاد الإسباني تومي لتولي القيادة خلفاً لفيلدا، حيث كانت مساعدته سابقاً وتحظى بتقدير بعض اللاعبات. لكن الأمور انقلبت بسرعة عندما رفضت باستمرار استدعاء جيني هيرموسو، بحجة حمايتها أولاً، ثم بسبب عدم تركيزها في كرة القدم نتيجة المضايقات التي تعرضت لها. هذه القرارات أثرت سلباً على شعبيتها، وكان خسارة بطولة أمم أوروبا 2025 أمام إنجلترا بمثابة الضربة القاضية لمسيرتها.
أخطاء فنية تكلف المنتخب خسائر كبيرة
لم تكن قضية هيرموسو الوحيدة التي أثرت على أداء تومي، بل أظهرت خلال البطولة ضعفاً في قراءة مجريات المباريات، حيث قامت بتبديلات غريبة وأعطت وقت لعب أقل من المتوقع لنجم الفريق أليكسا بوتيلاس. إقصاء لاعبات مؤثرات من التشكيلة الأساسية كلف الفريق كثيراً، خاصة في نهائي أمم أوروبا 2025 الذي خسره المنتخب الإسباني بركلات الترجيح أمام إنجلترا، رغم تفوقه في فرص التسجيل خلال الوقت الأصلي.
سونيا برموديث: خيار داخلي يثير الجدل
على غرار تعيين لويس دي لا فوينتي لقيادة المنتخب الوطني للرجال، لجأ الاتحاد الإسباني إلى تعيين سونيا برموديث، التي كانت لاعب وسط في أتلتيكو مدريد ولها خبرة تدريبية مع منتخب تحت 19 سنة، حيث تعرضت لانتقادات بسبب سجلها التدريبي. يأمل الاتحاد أن تنجح برموديث في قيادة الفريق الأول كما فعلت مع الفئات العمرية، لكن التقارير الصحفية وأصوات من داخل غرفة الملابس تعبر عن رفض اللاعبات لتعيينها، مشيرات إلى ضعفها في إدارة التبديلات بشكل مناسب.

لقد كان شرفاً، شكراً من القلب. pic.twitter.com/NN8t117aT0
غياب الدعم الرسمي وتأثيره على كرة القدم النسائية
رغم الاعتذار الرسمي من رئيس الاتحاد الإسباني رافائيل لوزان عن سوء المعاملة التي تعرضت لها اللاعبات خلال كأس السوبر الإسباني المقام في السعودية، إلا أن الاتحاد استمر في تنظيم البطولة بنفس الظروف، مما يعكس نقص الاهتمام الحقيقي بكرة القدم النسائية. لوزان أكد على ضرورة وجود “تخطيط استراتيجي” لتطوير اللعبة، لكن حتى الآن لم تظهر خطوات فعلية على أرض الواقع.
تاريخ من الإهمال والقرارات المتكررة التي تضر بالمنتخب
يبدو أن الاتحاد الإسباني، سواء في عهد روبياليس أو لوزان، يواصل تجاهل كرة القدم النسائية، مع اعتماد سياسة الاستمرارية التي بدأت مع فيلدا، ثم تومي، والآن برموديث. إسبانيا ليست مجرد فريق عادي، بل هي بطلة كأس العالم ووصيفة بطلة أوروبا، لكن فقدان بطولتين كبيرتين في أولمبياد 2024 وأمم أوروبا 2025 يعود إلى ضعف القيادة الفنية وعدم القدرة على قراءة مجريات المباريات بشكل صحيح.
مستقبل غامض ينتظر المنتخب الإسباني النسائي
لم تكن تومي المشكلة الحقيقية، بل كانت نتاج سنوات من سوء الإدارة. بتعيين برموديث، تجاهل الاتحاد مطالب اللاعبات اللواتي يستحقن مدربة ذات مستوى عالٍ. الوضع وصل إلى حد يمكن وصفه بالمأساوي، حيث يبدو أن سجل الإخفاقات هو المؤهل الأساسي لتولي منصب مدرب المنتخب الإسباني النسائي. يبقى السؤال: هل ستتمكن برموديث من قلب الطاولة، أم أن الفريق سيظل يعاني من نفس المشاكل المتكررة؟