الجدول الزمني وضغوط المباريات: تحديات ريال مدريد في الموسم الماضي
شهد الموسم الماضي لريال مدريد ضغوطًا هائلة بسبب تكدس المباريات، حيث خاض الفريق الأبيض سبع بطولات مختلفة، مما جعل تنظيم مواعيد المباريات أشبه بحل لغز معقد. هذه الظروف دفعت النادي لاتخاذ مواقف حاسمة بعد أن استنزفت بعض القرارات صبر الفريق تدريجيًا.
في مواجهة هذه التحديات، أعلن كارلو أنشيلوتي بوضوح: “هذه آخر مرة نلعب فيها مباراة بفارق أقل من 72 ساعة بين اللقاءات، ولن نكرر ذلك أبدًا”. ومنذ ذلك الحين، لم يخض ريال مدريد أي مباراة بفارق زمني أقل من 72 ساعة، سواء في المباريات العشرة التي خاضها حتى الآن أو في المباريات الست المقبلة التي تم تحديد مواعيدها بعد فترة التوقف.
نقطة التحول: مباراة فياريال التي أشعلت الأزمة
جاءت الشرارة التي أشعلت الأزمة بعد مباراة الدوري ضد فياريال على ملعب لا سيراميكا في مارس الماضي، حيث اضطر ريال مدريد لخوض اللقاء بفارق أقل من 70 ساعة عن مباراته السابقة في دوري أبطال أوروبا ضد أتلتيكو مدريد في متروبوليتانو، والتي انتهت في وقت متأخر جدًا بعد التمديد وتنفيذ ركلات الترجيح، ليصل الفارق إلى 66 ساعة فقط.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يواجه فيها الفريق مثل هذه الظروف الصعبة، فقد سبق وأن خاض مباريات بفارق زمني ضيق بينهما، منها مباراة كأس الملك ضد ديبورتيفا مينيرا في يناير بفارق 70 ساعة، ومباراة الدوري ضد لاس بالماس بنفس الشهر بفارق 66 ساعة، بالإضافة إلى مواجهة ريال بيتيس في مارس بفارق 69 ساعة، والتي انتهت بخسارة الفريق. هذه الحالات كانت من بين أكثر المواعيد ضيقًا، إلى جانب العديد من المباريات التي لعبها الفريق على حدود الـ72 ساعة بالضبط.
رد فعل ريال مدريد: موقف حازم ضد الجدول المرهق
تراكمت هذه الضغوطات حتى قرر ريال مدريد اتخاذ موقف صارم، معلنًا عبر قناته الرسمية أن الفريق لن يخوض أي مباراة لا تتوفر فيها فترة راحة لا تقل عن 72 ساعة بين اللقاءات، وهو ما يمثل تحديًا لقوانين الدوري التي لا تراعي دائمًا هذا الحد الأدنى من الراحة. وأكد النادي أن هذا القرار سيُطلب دعمه من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لضمان احترام حقوق اللاعبين في التعافي.
جاء هذا التحذير بعد أن أبدى أنشيلوتي استياءه من جدول المباريات، مشيرًا إلى أن الأولوية تُعطى لحقوق البث التلفزيوني والأمور المالية على حساب صحة اللاعبين، وقال: “لا أفهم لماذا نلعب يوم السبت بعد مباراة يوم الأربعاء، وأتمنى أن يتغير هذا في المستقبل.”
تصريحات أنشيلوتي: صوت واضح ضد استغلال الجدول
أكد أنشيلوتي في المؤتمر الصحفي بعد مباراة فياريال أن هذا سيكون آخر مرة يخوض فيها الفريق مباراة بفارق أقل من 72 ساعة، مشددًا على أن النادي طلب تعديل موعد المباراة مرتين دون جدوى. وعندما سُئل عن احتمال عدم خوض مباراة أخرى في ظل عدم احترام هذا الشرط، أجاب بحزم: “لن نلعب.” هذا الموقف يعكس التزام النادي بالحفاظ على صحة لاعبيه ورفضه لأي استغلال مفرط في الجدول الزمني.
تأثير القرار على الفريق وأمثلة من الساحة الرياضية
هذا القرار الحازم يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية فترات الراحة والتعافي في كرة القدم الحديثة، حيث تشير الدراسات إلى أن تقليل فترات الراحة بين المباريات يزيد من خطر الإصابات بنسبة تصل إلى 30%. في السياق العربي، شهدنا حالات مماثلة في أندية مثل الأهلي المصري والزمالك، حيث أثرت جداول المباريات المزدحمة على أداء اللاعبين وإصاباتهم.
على الصعيد الدولي، يُعد نادي باريس سان جيرمان مثالًا حديثًا على التعامل مع ضغوط الجدول، حيث اضطر لاعبه كيليان مبابي للعب عدة مباريات متتالية بفارق زمني ضيق، مما ظهر جليًا على أدائه البدني، كما هو واضح في صور التعب التي ظهرت على وجهه بعد مواجهة فياريال وريال مدريد.

تصوير: آنخيل ريفيرو