تحليل شامل لموسم أتلتيكو مدريد: بين التحديات والآمال الجديدة
موقع الفريق في المنافسات الكبرى
أنهى أتلتيكو مدريد الموسم الأوروبي في مركز متقدم ضمن الدوري الإسباني، حيث احتل الفريق المرتبة الثالثة في جدول الترتيب. أما في كأس ملك إسبانيا، فقد وصل الفريق إلى نصف النهائي، بينما ودع دوري أبطال أوروبا من دور الـ16. وكان جوليان ألفاريز هو هداف الفريق برصيد 29 هدفًا، في حين تصدر رودريغو دي بول قائمة صانعي الأهداف بعشر تمريرات حاسمة.
موجز الأداء خلال الموسم
شهد الموسم الحالي لأتلتيكو مدريد تقلبات كبيرة، إذ جاء بعد موسم مخيب حيث حل الفريق خلف جيرونا. استثمر النادي ما يقارب 200 مليون يورو لتعزيز صفوفه بلاعبين بارزين مثل جوليان ألفاريز، الفائز بكأس العالم، وروبن لو نورماند، بطل يورو 2024، بالإضافة إلى ألكسندر سورلوث، وصاحب المركز الثاني في يورو 2024 كونور غالاغر. رغم هذه التعاقدات القوية، تعرض الفريق لهزيمة قاسية 4-0 أمام بنفيكا، وخسارة 1-0 خارج الديار أمام ريال بيتيس، مما دفع دييغو سيميوني لعقد اجتماع حاسم مع اللاعبين.
لكن هذا الاجتماع كان نقطة تحول، حيث شهد الفريق سلسلة من الانتصارات الحاسمة في اللحظات الأخيرة، إذ حقق 16 فوزًا في الوقت بدل الضائع خلال أول 39 مباراة، مما جعله المنافس الوحيد القادر على مجاراة برشلونة في صراع اللقب. انتصارات بارزة على باريس سان جيرمان وبرشلونة أكدت عودة أتلتيكو إلى مستواه القوي الذي كان يميزه في العقد الماضي.
الهبوط المفاجئ في الربيع
مع حلول مارس، واجه أتلتيكو مدريد تحديات صعبة، إذ خاض مباريات قوية ضد برشلونة وريال مدريد مرتين لكل منهما، بالإضافة إلى مواجهات ضد خيتافي وإسبانيول. لم يحقق الفريق سوى فوز وحيد 1-0، لكنه خرج من دوري الأبطال بركلات الترجيح. كان هذا التراجع بمثابة انفجار بالون الأمل، ولم يتمكن الفريق من التعافي في أبريل ومايو. ما زاد الطين بلة هو أن الفريق كان متقدمًا في معظم هذه المباريات، لكن الدفاع لم يستطع الصمود، كما أن مساهمات ألفاريز جاءت لتعوض غياب أنطوان غريزمان بدلاً من أن تكملها.
تقييم الأداء: تقدّم مع بعض التراجع
تراوح تقييم الفريق بين B- وC+، حيث أظهر أتلتيكو تقدمًا ملحوظًا مقارنة بالموسم السابق، واقترب من مستوى ريال مدريد وبرشلونة. وجود نجم جديد مثل جوليان ألفاريز ورودريغو دي بول في أفضل حالاتهما كانا من أبرز نقاط القوة. ومع ذلك، كان الانهيار في نهاية الموسم محيرًا ومؤلمًا لجماهير الفريق، خاصة مع ضعف المنافسين الرئيسيين هذا الموسم. في كأس الملك، كان الفريق متقدمًا على برشلونة بهدفين لكنه استقبل أربعة أهداف في 20 دقيقة فقط، مما أضاع فرص الضغط على المنافسين في الجولات الأخيرة.
نجم الموسم: جوليان ألفاريز
لا يمكن تجاهل أن جوليان ألفاريز كان أبرز توقيع للفريق هذا الموسم، حيث قدم أداءً مميزًا في المباريات الكبرى، خاصة ضد برشلونة في الدوري وريال مدريد في دوري الأبطال. رغم أن عدد أهدافه في الدوري كان 17 فقط، إلا أن مساهماته في صناعة الأهداف كانت الأعلى بين زملائه. أظهر ألفاريز مزيجًا من العزيمة والمهارة، مما جعله محبوبًا لدى جماهير المتروبوليتانو، وأصبح رمزًا رومانسيًا في صفوف الفريق.
المفاجأة السارة: جوليانو سيميوني
على الرغم من التوقعات المتواضعة عند عودة جوليانو سيميوني من فترة إعارة مع آلافيس بسبب الإصابة، إلا أنه فاجأ الجميع بأدائه القوي. قدم جوليانو طاقة وحيوية كبيرة، ساعدت في توسيع رقعة اللعب وتعزيز الدفاع، وكان له دور بارز في أفضل فترات الفريق هذا الموسم، مجسدًا روح والده دييغو سيميوني على أرض الملعب.

اللاعب الذي كان يُنتظر منه أكثر: أنطوان غريزمان
لم يكن موسم غريزمان من أفضل مواسمه، رغم أنه قدم أداءً جيدًا حتى بداية 2025. قد يكون هذا الموسم هو الأخير له كأساسي في التشكيلة، خاصة مع تراجع مساهماته التهديفية مقارنة بسورلوث في المراحل الأخيرة. رغم الاحترام الكبير له، إلا أن غيابه عن التألق في اللحظات الحاسمة أثار تساؤلات حول مستقبله مع الفريق.
دييغو سيميوني: “غريزمان شخص رائع وأسطورة حقيقية للنادي. بعد ثلاثة أو أربعة أشهر من رحيله، أدرك أنه ارتكب خطأ. الجماهير جعلته يشعر بذلك، ولم يكن الأمر سهلاً. لكن بالعمل الجاد والأهداف – كما أقول دائمًا، الأهداف تشفي كل شيء – هو…” المصدر
آفاق المستقبل: بناء فريق متكامل
رغم التحديات التي واجهها الفريق في نهاية الموسم، بدا أتلتيكو مدريد في أفضل حالاته منذ سنوات طويلة. وجود جوليان ألفاريز يمنح الفريق أملًا كبيرًا، بينما يمثل باريوس مستقبلًا واعدًا، وسورلوث مصدرًا مهمًا للأهداف. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة ملحة لتعزيز التشكيلة في كل فترة انتقالات، حيث لم يكن الأداء في هذا الجانب مثاليًا.
إذا تمكن النادي من التعاقد مع لاعبين مثل أليكس باينا، كريستيان روميرو وجوني كاردوسو، سيكون سيميوني قادرًا على تشكيل تشكيلة أساسية متكاملة بلا علامات استفهام. هذا التوازن بين الدفاع والهجوم هو مفتاح تحقيق الألقاب، خاصة وأن الفريق يمتلك أحد أفضل خطوط الدفاع في إسبانيا هذا الموسم، لكنه اضطر للتضحية ببعض القوة الهجومية لتعزيز الخط الخلفي، مما أثر على الأداء في اللحظات الحاسمة.
يبدأ أتلتيكو مدريد الموسم المقبل وهو مرشح قوي للحفاظ على المركز الثالث، مع تطلعات واضحة للتقدم أكثر مقارنة بالموسم الماضي.