بعد سنوات من الركود الصناعي والاقتصادي شهدتها الجزائر، ها هي المساعي تتجدد لإعادة بعث هذا القطاع، حيث برز هذا الهدف جليا خلال فعاليات الندوة الوطنية للإنعاش الصناعي التي نظمت مؤخرا في الجزائر العاصمة.
حيث أعلن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الذي أشرف على افتتاح أشغال الندوة، عن قرارات هامة وإجراءات الميدانية، تهدف لإعادة بعث القطاع الصناعي في الجزائر، بعد سنوات عجاف.
وتقترن المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الوطني والقطاع الصناعي في الوطن، بعراقيل ذات علاقة بسلوكيات الأفراد، ويعد العامل البشري أكبر معيق للقطاع الصناعي وعدة مجالات أخرى، من خلال كبحه لعجلة التنمية بالإضافة لثني المستثمرين وارهاقهم بالوثائق والإجراءات الإدارية والتي يمكن وصفها بالتعجيزية في بعض الأحيان، هذا الوضع أدى إلى تعليق وإيقاف عدة مشاريع استثمارية.
انفراج في الوضع من خلال تجسيد رفع التجميد عن عدة المشاريع
شهدت الآونة الأخيرة، انفراجا ملموسا في هذا المجال، حيث بدأت السلطات في تسليم تراخيص استثنائية وشهادات الدخول في الاستغلال لفائدة العديد من المشاريع الاستثمارية التي تم تعليقها بالرغم من جاهزيتها، والتي تعد رسالة واضحة وملموسة من طرف السلطات العمومية، مفادها المضي قدما في اتجاه تجسيد التعهدات بإزالة كل العوائق أمام المستثمرين، ومكافحة كل أشكال البيروقراطية ومختلف الممارسات الغير قانونية، التي تعيق خطط التنمية الوطنية.
كما أعلن الوزير الأول، وزير المالية ايمن بن عبد الرحمان في ختام أشغال المنتدى، “تصويب المسارات الخاطئة”، من خلال التكفل بانشغالات المتعاملين الاقتصاديين، كما أكد رفع التجميد عن المشاريع الجاهزة قبل نهاية السنة الجارية، وراهن على بداية واعدة لعام 2022 التي أطلق عليها سنة “اقتصادية”.
مشيرا إلى ضرورة “بناء صناعة وطنية حقيقية على أسس مدروسة وعقلانية تخدم المصلحة الوطنية، وتكون رافدا من روافد التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة”، مع وضع نسبة تتراوح بين 10 و15 بالمائة كهدف لمساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام خلال السنوات المقبلة.
التكفل بانشغالات المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين
من جهته كشف الرئيس تبون، عن رفع العراقيل أمام المصانع الموجودة، ودعم المشاريع قيد الإنجاز أو التي تم تعطيلها لسبب أو لآخر، واستحداث “شباك موحد” لتسهيل الحصول على التصاريح الإدارية وتحديد الآجال المسموح بها لإصدارها، مع ضرورة توفير العقار الصناعي للمستثمرين في آجال قصيرة من خلال وكالات متخصصة لا علاقة لها بالإدارة، حيث أعلن عن تنصيب الوكالة الوطنية للعقار الصناعي في 2022، اضافة الى توفير التمويلات الضرورية للمشاريع الصناعية من طرف البنوك الوطنية.
زمن الاستفادة الفوضوية من المزايا الاستثمارية …انتهى بلا رجعة
وخلال اشرافه على ورشات المنتدى، أكد الوزير الاول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، أهم ملامح السياسة الصناعية الجديدة، التي تنطلق بسن قانون جديد للاستثمار يتم التحضير له حاليا، بغية وضع حد للاستفادة الفوضوية من المزايا الاستثمارية التي تمنحها الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار “أندي”، والتي كلفت الدولة خسارة 10 ملايير دولار.
مؤكدا بأن منح المزايا في المستقبل سيكون للمستثمرين الحقيقيين وليس لـ”اصحاب الريع”، والذين يمارسون المضاربة على العقار الصناعي، وهو ما ستتصدى له الحكومة عن طريق انشاء الوكالة الوطنية للعقار الصناعي، والتي ستضمن تحسين تمويل المشاريع، عبر تطوير السوق المالية بصفة شاملة، لاسيما من خلال بعث بورصة الجزائر، إضافة إلى كسب معركة تنافسية المنتوج الوطني بعيدا عن الاتكال على “الاجراءات الحمائية”، حتى وإن كان قرار مراجعة الاتفاقات التجارية الثنائية ومتعددة الاطراف ولاسيما اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي، يهدف اساسا إلى حماية الاقتصاد الوطني، بإزالة الاختلالات واللاتوازن الذي تضمنته، مما يساعد في ترقية الصادرات خارج المحروقات، وخلق مناصب شغل جديدة.
كما أفضت الندوة إلى أهمية ترقية الابتكار، وتم خلالها الاعلان عن إنشاء وكالة وطنية للإبداع وأكاديمية للعلوم والتكنولوجيات، كما تقرر اعطاء دفع للرقمنة في كل القطاعات.
تقرير / كريمة بندو
مناقشة حول هذا المقال