تحتفل اليوم الجزائر كسائر بلدان العالم باليوم العالمي لمكافحة مرض السيدا والذي اقرته منظمة الصحة العالمية في الواحد من ديسمبر من كل سنة.
الدكتورة رملي إ : “متلازمة النقص المناعي المكتسبة مرض مزمن”
عرفت الدكتور رملي وهي طبيبة عامة الفيروس :”متلازمة النقص المناعي المكتسبة هي مرض مزمن وهي حالة يحتمل ان تشكل خطرا على الحياة التي يسببها فيروس نقص المناعة البشرية حيث انه يضعف الجهاز المناعي ما يجعل الانسان أكثر عرضة لإصابة بحالات عدوى جديدة لأمراض مختلفة وأنواع معينة من السرطان ”
“الفيروس قد ينتقل بطرق أخرى …. منها الرضاعة والدم الملوث “
وأضافت: “الكثير من ناس يعتقدون ان هذا المرض ينتقل فقط جنسيا وهذا خطأ ويسبب إحراج للعديد من الناس يجعلهم يخفون المرض، لذلك يجب التوضيح أن الفيروس قد ينتقل بطرق أخرى منها من الام للطفل أو من الرضاعة او الولادة أومن دم ملوث، أو إذا كان الشخص يتعاطى المخدرات بالحقن من خلال الوريد غالبا يشارك الاشخاص الذين يتعاطون الابر والحقن نفسها وذلك يعرضهم لقطرات من دماء الاخرين الذين ربما يحملون المرض ”
“لم يتوصل الاطباء والباحثين الى علاج …. هناك أدوية تساعد على إبطاء الفيروس ”
وعن علاج الفيروس قالت:”أما فيما يخص العلاج حقيقة لم يتوصل الاطباء بعد الى علاج لهذا الفيروس ولكن هناك أدوية تساعد على إبطاء تقدم المرض بصورة كبيرة وتلك الادوية قللت كثيرا من نسبة الوفيات ويبقى الحل هو ضرورة الوقاية من هذا وفي حالة الاصابة ضرورة التوجه الى طبيب مختص من أجل اعطاء حلول خاصة اذا كانت المرأة حامل عند تلقيها للعلاج قد يساهم في سلامة طفلها من ذلك المرض “.
جمعية حق الوقاية تتجند للتحسيس بمخاطر الإيدز وطرق الوقاية منه
عملت جمعية حق الوقاية منذ تأسيسها على التوعية والتحسيس بمخاطر السيدا وطرق الوقاية منه، حيث يؤكد أنور غطاس أحد إطارات الجمعية أن العمل التحسيسي لا يرتبط بالمناسبة فقط، بل تعمل الجمعية بشكل دائم على نشر الثقافة الصحية والتوعية في أوساط الشباب بأسباب الداء، كما عملت على توفير الكشف المبكر المجاني من خلال مكتبها الوطني، ومكاتبها الولائية، سعيا منها لتحقيق المخطط الذي وضعته وزارة الصحة وهو القضاء على المرض في حدود سنة 2030.
وفي ذات السياق يؤكد محدثنا قائلا “لا يزال داء السيدا يطرح إشكالا في المجتمع الجزائري كأحد الطابوهات، لذلك ما تزال الإصابات موجودة بسبب انعدام التربية الصحية و نقص التوعية وتجاهل وسائل الإعلام للأمر “.
من جهته أكد أمين مسيس المكلف بالمرافقة النفسية للمرضى على مستوى الجمعية على أهمية الدعم البسيكولوجي للمصاب.
ومن جانب آخر أكدت لنا الدكتورة أوشعلال وهي طبيبة عضوة بالجمعية والمكلفة بعلاج المدمنين عبر الحقن، أن علاقة الإدمان عبر الحقن وثيقة بالإيدز ذلك أن الكثير من المدمنين يتشاركون الحقن وهذا ما يجعلهم عرضة للعدوى أكثر من غيرهم، وقد ترتفع نسبة الإصابة بمعدل إصابة وسط 50 مدمن.
وقد نظمت جمعية حق الوقاية منذ أيام حملة تحسيسية بالحي الجامعي للذكور ببن عكنون كما تعتزم تنظيم أيام تحسيسية بجامعة بومرداس بالتنسيق مع المنظمات الطلابية والتي سترافقها حملات للتحسيس بضرورة التلقيح ضد كوفيد 19.
الدكتور سبع مختص في علم الاجتماع: “المصاب بالسيدا يعيش قهرا نفسيا ورفض مجتمعيا”
يؤكد الدكتور هشام سبع أستاذ بجامعة البشير الإبراهيمي ببرج بوعريريج أن خطورة داء السيدا تعود إلى سرعة انتشاره عن طريق العدوى ولعل أخطرها العلاقات غير الشرعية، وفي هذا الصدد يقول “يبقى المريض بالسيدا رهين المحبسين، الأول هو استسلامه للمرض في ظل نقص المناعة وقلة الحلول الطبية واستحالتها في العديد من الدول نظير التحول الخطير في الخلايا أما المحبس الثاني فهو الخوف من المجتمع وإحساس المريض الحامل لهذا النوع من المرض أنه عرضة للرفض الاجتماعي مما يجعله قليل الاندماج مع الجماعة أو منعزل عن الناس “.
كما يتحول الشخص المصاب حسب محدثنا إلى شخص انطوائي وكتوم وهذا ما يجعل الكثير ممن يصابون بهذا الفيروس يتكتمون وخائفون من انتشار خبر إصابتهم ما يجعلهم يصارعون المرض في صمت وقهر داخلي ووجداني من جهة ورفض مجتمعي من جهة ثانية.
لذلك يضيف الدكتور سبع “على كل المؤسسات المجتمعية تقبل الأشخاص حاملي هذا النوع من المرض والتكفل بهم نفسيا واجتماعيا حتى يتمكنوا من العيش وسط الأفراد في ظل بيئة مجتمعية حاضنة للجميع “.
الاستاذة جباري المختصة في الشريعة: “الإسلام منحنا طرق الوقاية من هذه الأمراض وعلينا أن نفقه النصوص الشرعية للتضامن مع المصابين بالسيدا”
تؤكد الاستاذة سامية جباري المختصة في الشريعة أن الدين لا يتطرق إلى المرض وعلاجه مباشرة ولكن الإسلام شرع الحدود ليس ظلما للعباد وإنما ليحفظ للإنسانية انسانيتها وللبشرية فطرتها، لذلك فالدين الحنيف تضيف جباري “نص على التحذير والابتعاد عن الأساليب المؤدية لمثل هذه الأمراض كالفاحشة وذلك بالحث على اتباع قواعد إيمانية التي تعتبر مناعة للنفس و بها يحصن الإنسان من الوقوع في الخطأ فمثلا في قول الرسول الكريم “من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع عليه بالصوم فإنه له وجاء” فالصوم لمن لا يستطع الزواج حماية له ومناعة من الوقوع في المحرمات، وفي ذات السياق يقول الله تعالى “لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا” وهنا الله تعالى أراد حفظ الانسان بغلق كل أبواب الفاحشة، والمقاربة تعني السير إلى الطريق ومن الأساليب التي تؤدي إلى هذا هو عدم مخالطة أسبابه ودواعيه، فالدين منحنا طرق الوقاية من مثل هذه الأمراض قبل الإصابة بها “.
أما عن نظرة المجتمع تقول محدثتنا “الكثير يرى مرض الإيدز وكأنه وصمة عار رغم أن هناك ضحايا ابتلوا بالمرض، لذا لا ننكر أن هناك رفض مجتمعي لهؤلاء، فالمريض الذي أصيب نتيجة العلاقات غير الشرعية فهذا نعتبره عقاب طبيعي لأنه خرج عن الضوابط الشرعية، ولكن رغم ذلك علينا تغيير نظرة المجتمع الدونية لهؤلاء، ولا بد أن نفقه النصوص الشرعية لأن ديننا دين يسر وليس عسر”.
وهذه الشريحة التي أصيبت بالمرض تضيف محدثتنا “من واجبنا التضامن معهم ومساعدتهم من خلال تعزيز الجانب الإيماني في روحهم، فالتوبة مفتوحة والله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعا ما عدا أن يشرك به، لأن الخطأ صفة بشرية، وعلينا أن لا نغلوا في ديننا ونتطرف، ولابد لنا كأشخاص ومؤسسات التكاتف لتغيير النظرة السلبية لهؤلاء المصابين واخراجهم من العزلة التي يعيشونها ولما لا يكون مجلس يضم أطباء ومختصين يعملون على التكفل بهذه الفئة، ومن جانب آخر فالإعلام له دور كبير في تصحيح المفاهيم وإعادة الثقة للمرضى في نفوسهم وإبراز بعض الحالات ممن أصيبوا بالمرض وتغلبوا عليه بفضل ايمانهم ونجحوا في مجالات معينة ليكونوا صورة للأخرين وبهذا يمكننا إعطاء هذه الفئة جرعة أمل وإعادة إدماجها في المجتمع”.
الأخصائية النفسية مخلوفي: “التأكيد على المرافقة النفسية للمريض”
تؤكد الاخصائية النفسانية هدى مخلوفي أن الاتجاه للكشف المبكر عن المرض، يرتبط أحيانا بالأشخاص الذين لهم علاقات جنسية غير شرعية، في حين أن الأشخاص الذين لهم نسبة من الوعي ويعلمون بوجود مصاب في محيطهم يتجهون للفحص هم قلائل.
وفي ذات السياق تؤكد مخلوفي: “طريقة تبليغ المفحوص بنتيجة الفحص يشكل صدمة كبيرة للمصاب فمن خلال تجربتي هناك أشخاص عاديين قاموا بإجراء فحوصات قبل الزواج أو قبل إجراء عملية معينة، تعرضوا لصدمة ذلك أن المعتقد الصحي الذي يصاحب مفهوم هذا المرض هو الموت المباشر، وأن المصاب لا يستطيع ممارسة حياة جنسية طبيعية، فالتصورات المتوفرة حول المرض هي تصورات سلبية فهذه الصدمة تدمر الجهاز النفسي للمريض”.
وهنا يدخل المريض في المراحل السلبية تضيف محدثتنا،” و أولها مرحلة الاندهاش أو اللافعل، بعدها مرحلة الإنكار وهنا يتجنب المصاب الحديث عن الموضوع ويتجنب حتى العلاج ويرافق هذه الحالة خوف وقد يستمر لفترة، وهناك قد يمارس حياته الجنسية بشكل طبيعي ويسبب العدوى للآخرين، وهنا يجب أن نفرق بين حامل الفيروس وبين المصاب”.
” فطريقة معرفة الانسان للمرض هي من تتحكم في هذه المراحل ثم تأتي مرحلة الغضب وهنا الإنسان يحاول معرفة من أين جاء المرض ويصاحب هذه الحالة سخط قد يؤدي للانتحار أو الانتقام ونشر الفيروس وفي مرحلة المساومة يبحث المصاب عن حلول بديلة كإجراء فحوصات أخرى، و قد يدخل المريض في الاكتئاب، وهذه الحالات ممكن أن تكون في نفس الوقت وتتغير حسب طبيعة الشخص، وفي الأخير يأتي التقبل وهنا يحاول المريض العيش بطريقة عادية “.
وتؤكد محدثتنا على أهمية العلاقة الإيجابية بين المريض والفريق الطبي بداية من إجراء التحاليل إلى التشخيص في تحقيق الدعم النفسي.
فالتشخيص تقول الأخصائية” يرافقه الكثير من التكتم وهذا ما يخلق حالة من الاكتئاب ناهيك عن العزلة الاجتماعية لذا فالمرافقة النفسية منذ البداية تعتمد على توفير معلومات نفسية كافية وتربية علاجية وهذه مرحلة الوعي والتفكير في المرض لتليها مرحلة التخطيط والتقبل ثم مرحلة الفعل لممارسة الحياة الإيجابية. وفي الأخير تأتي مرحلة كيف نحمي المريض من الانتكاسة النفسية والاجتماعية والحفاظ على النتائج وهنا إذا كانت كفالة نفسية جيدة يتعلم المريض كيف ينتقل من مرحلة الى أخرى بسلاسة”.
وتتعدى المرافقة النفسية للمريض إلى عائلته، و فيما يخص التكفل النفسي بالمرضى الذين هم في مرحلة متقدمة من المرض، تضيف الأخصائية النفسانية:”هناك علاجات آخر الحياة ففي الجزائر غير مطبقة والهدف منها هو منع تفاقم الحالة ليعيش المريض آخر المرحلة براحة نفسية”.
زهور بن عياد / تركية داود
مناقشة حول هذا المقال