بطلة رياضة الشطرنج التي تربعت على عرش الجزائر لعدة مرات، وحازت على عدة بطولات عربية وإفريقية، ورفعت الراية الوطنية في المحافل الدولية، افتكت 45 ميدالية ذهبية وأحرزت أعلى لقب دولي للسيدات في الجزائر، دخلت غمار الرياضة التي تعرف برياضة الاذهان والملوك منذ سن الخامسة فتوجت بالكثير من الألقاب، 27 عام من التجربة والتتويجات، حاولنا اختصارها والوقوف مع البطلة أمينة مزيود في أهم المحطات الفاصلة خلال مشوارها الرياضي في حوار شيق ومميز جمعنا بها…
بداية، من هي أمينة مزيود؟
مزيود أمينة، لاعبة شطرنج في النادي القسنطيني للشطرنج، أمارس الشطرنج منذ 27 سنة، حين كان عمري خمس سنوات، وكان أبي معلمي في البداية وهو من ساقني لهذه الرياضة، ولكن في الفترة اللاحقة انضممت للنادي القسنطيني للشطرنج، كما كانت لي بعض التربصات في نادي بن عكنون، أما عن دراستي فانا اليوم متحصلة على ماستر في اللغة الفرنسية.
دخلت رياضة تتميز بخصوصيات كثيرة، فهل يمكنك أن تطلعينا على سر شغفك بالشطرنج ومن وراء دخولك هذا العالم؟
تعلمت الشطرنج على يد والدي فقد مارس هذه الرياضة من عمله، وكنا كثيرا ما نتمرن في البيت مع والدنا الذي أعتبره معلمي الأول ومساهمته كبيرة في كل انجازاتي وخطواتي الاولى في هذه الرياضة، انضممت للنادي القسنطيني للشطرنج أنا وإخوتي ولم يكن والدي رياضي ولكن غرس في نفسي حب الشطرنج، وعرف كيف يخلق مني بطلة في هذا الإختصاص، ولولاه لما بلغت هذا المستوى، خاصة وأن الامكانيات المتوفرة في نادي قسنطينة لا تؤهل اللاعبين ليصلوا إلى الاحترافية وإحراز البطولات الوطنية والدولية، وبالتالي كان أبي يتحمل حتى التكاليف المادية للتدريبات، ولم أتلقى أي دعم طيلة مشواري الرياضي من السلطات المحلية ولكن أعترف بفضل نادي قسنطينة في دعمي الذي كان يضم مدربين أكفاء ولاعبين ذوي مستوى لا بأس به.
أحرزت الكثير من الميداليات، وتحصلت على عدة ألقاب هل يمكنك الحديث عن ذلك؟
تحصلت على 45 ميدالية على المستوى الدولي منها 16 ميدالية ذهبية في البطولات الإفريقية و8 ميداليات ذهبية في البطولات العربية، تأهلت 5 مرات في بطولة العالم للشطرنج، كما أحرزت لقب مشرف في بطولة حوض البحر الابيض المتوسط، وتحصلت على البطولة الوطنية لـ 16 مرة وتم اختياري لثلاث مرات من بين أحسن ثلاثة لاعبين من مختلف التخصصات في الجزائر، وفي سنة 2020 أحرزت أحسن درجة عالمية وهي أستاذة دولية كبيرة، ويعتبر أول لقب للجزائر للإناث، وآخر لقب لي كان في جانفي 2021، هو تتويجي بطلة إفريقيا في البطولة التي نظمت عبر الانترنت، ولكن أكبر انجاز لي هو تحصلي على بطولة الجزائر وأنا في سن 14 أي في سنة 2003، حين أصر والدي أن أشارك في بطولة السيدات رغم أني كنت ضمن فئة الأصاغر، أين تحصلت على بطولة الجزائر سيدات، وتأهلت في نفس السنة للألعاب الإفريقية وتحصلت فيها على ميداليتين ذهبيتين.
منح لك لقب دولي الماسترز كأعلى مرتبة في هذه الرياضة، هل يمكنك أن تعطينا بعض التفاصيل عن هذا التكريم؟
لقب أستاذة دولية كبيرة وصلت إليه بعد تصنيف دولي، وهذا اللقب نتيجة كل البطولات التي أحرزتها، وقد منح لي بعد تتويجي بالبطولة العربية من طرف الاتحادية الدولية للشطرنج.
أخر لقب تحصلت عليه كان بطلة إفريقيا، هل لك أن تحدثينا على جو المنافسة وأجوائها وما سر إحرازك البطولة؟
بطولة إفريقيا الأخيرة التي نظمت عبر الأنترنت عرفت مشاركة دولية واسعة لأول مرة بهذا الحجم، كما عرفت المنافسة مستوى عالي خاصة من المصريين الذين برعوا في هذه الرياضة، ومن مختلف الدول الإفريقية، وقد شارك الكثير من اللاعبين المصنفين دوليا ومنهم مصرية كانت حاصلة على لقب أستاذة دولية كبيرة، ومن الجزائر كنا ثلاثة رياضيين، كانت المنافسة قوية بالنسبة لي وصعبة خاصة وأن اللعب عبر الأنترنت لم نعتاد عليه، والحمد لله حتى مع ظروف كورونا لم اتوقف عن التدريب وكنت أتمرن بصفة يومية، وتوج هذا الجهد بالبطولة الإفريقية.
انت بطلة في رياضة لن يتفوق فيها سوى الأذكياء، هل ترين ان الشطرنج هو من اختارك أم العكس؟
لم تكن رياضة الشطرنج اختياري فقد كانت ميولي نحو رياضة التنس، وكنت أمارس الرياضتين معا، ولكن تفوقي في الشطرنج ومساندة والدي لي في هذا الاختصاص هو من قادني إلى هذه الرياضة وزادني حبا وشغفا بها.
تعرف رياضة الشطرنج بفوائدها الكبيرة من الناحية الفكرية، كيف استفدت منها في حياتك العامة وبالأخص الدراسية؟
حقا رياضة الشطرنج لها فوائد كثيرة خاصة لمن يمارسها وهو في سن صغير، أتحدث عن نفسي فقد ساعدتني في التركيز والحساب والصبر، ومنها نتعلم كيف ندير الوقت، بين ممارستها والدراسة، ومنها نتعلم أيضا روح المسؤولية ونعزز ثقتنا بنفوسنا، ومن الناحية الدراسية فقد تحصلت على ماستر في اللغة الفرنسية وكنت أنظم وقتي بين التدريبات الرياضية والدراسة، وهذا يدل على أن ممارسة الرياضة لا يؤثر على المردود الدراسي خاصة، رياضة الشطرنج التي علمتنا كيفية إدارة الوقت بشكل جيد، ومن خلال تجربتي استنتجت أن كل ممارسين الشطرنج تفوقوا في دراستهم، وهذا ما يزيدنا ثقة أن هذه الرياضة لها فوائد كبيرة على التحصيل الدراسي.
الكثير من محبي الشطرنج يتحدثون عن عدم اهتمام السلطات الوصية بهذه الرياضة في وقت هناك تغييب إعلامي، ما رأيك؟
حقيقة وللأسف لم يلق الشطرنج الاهتمام المطلوب باعتبارها رياضة غير أولمبية، وهذا ينقص من مكانتها، على الرغم من أن ممارسي ومؤطري الرياضة يبذلون ما بوسعهم لتطويرها، ورغم أننا كذلك نفتك الذهب في الكثير من البطولات إلا أننا لا نلقى نفس الاهتمام مقارنة مع اختصاصات أخرى، ومن هذا المنبر أدعو السلطات أن تهتم بكل الرياضات دون استثناء، لان هدفنا مشترك وهو رفع الراية الوطنية في المحافل الدولية.
أقولها بمنتهى الصراحة رغم كل الألقاب التي تحصلت عليها إلا أنني لم ألق أي دعم من السلطات الولائية لقسنطينة أو مديرية الشباب والرياضة، وأكررها دائما والدي من يتحمل تكاليف تدريبي وهنا لا أنكر فضل النادي القسنطيني على دعمه إلا أن الإمكانيات المتوفرة لديه غير كافية، وأوجه كلمتي للسلطات بعد 27 سنة من الشطرنج لم أتلقى أي دعم رغم حصولي على البطولة العربية والإفريقية وإحراز أكبر لقب دولي رغم هذه الإنجازات في عام واحد لم أتلقى التشجيع من السلطات.
هل هناك عراقيل في مشوارك البطولي وما هي طموحاتك المستقبلية؟
أكيد هناك الكثير من الصعوبات والعراقيل في اختصاصنا في الشطرنج يتطلب إمكانيات كبيرة لتطوير مهاراتنا، فهذا النقص في الدعم والتشجيع هو ما حال دون تحصلنا على البطولة العالمية التي أطمح لإحرازها.
كلمة أخيرة نختم بها الحوار؟
أشكر والدي الذي يرجع له الفضل الأول لما حققت من نجاحات، كما اتوجه بالشكر للنادي القسنطيني ومدربي نصر الدين قروين، وكل المدربين وكذا اللاعبين وأي شخص ساندي كما أوجه شكري للاتحادية الجزائرية للشطرنج وأشكركم أنتم ممثلين في جريدة “عالم الأهداف” لاهتمامكم بمشواري.
حاورتها: زهور بن عياد
مناقشة حول هذا المقال